الجمعة، 9 يوليو 2021

رسول ‏الشيطان ‏. ‏ ‏راسبوتن

رسول الشيطان، راسبوتين 

انها قصة حقيقية أغرب من الخيال، 

في ٢١ يناير سنة ١٨٦٩، ولد «Grigori Yefimovich Rasputin» في قرية فقيرة جداً بمجاهل سيبيريا، اسمها «Pokrovskoye».. وعلى الرغم من جمال ملامحه، إلا إن أهله اعتبروه طفل نحس وشؤم عليهم بسبب الكوارث والمصايب اللي بدأت تحصل للقرية من يوم ولادته. 

القرية كانت منعزلة تماماً عن المدن الرئيسية في روسيا، لا يصل لها أي امدادات أو مساعدات نهائي، بالإضافة  إن الفقر كان بيزيد فيها يوم عن يوم؛ فبدأوا أهل «جريجوري راسبوتين» يعتقدوا إنه طفل نحس لغاية ما أصبح عنده ١٢ سنة، وتحديداً 👇

في نوڤمبر سنة ١٨٨٠، اشتعلت النار فجأة في البيت، وماتت والدته في الحريق مباشرةً.. وبعدها بسنة، وأثناء لعبه مع أخوه «Michelle» عند النهر، جرفتهم المياه فجأة لغاية ما أهل القرية وصلوا، لكن للأسف كانت المياه ابتلعت أخوه فمات غرقان.. في حين إن «راسبوتين» دخل في غيبوبة استمرت لأسبوع فقط. 

الأهالي في ذاك الوقت اقتنعوا إنه طفل نحس عليهم، وكانوا يريدون ان يتخلصوا منه بمجرد أن يصحو من الغيبوبة.. لكن «راسبوتين» بعد أن أفاق  من غيبوبته، ادّعى إنه يمتلك قوى روحية، وأقرّ إنه أصبحت عنده القدرة على شفاء جميع الأمراض والجروح بمجرد ما يضع إيده على المريض؛ فبدأت علاقته تتحسّن بأهالي القرية 

وفي يوليو سنة ١٨٨٤، يعني بعد ما أصبح عنده ١٥ سنة، تزوج «Praskovia Dubrovina»، وانجب منها ٣ أطفال.. وبما إنه كان في سن المراهقة وقتها، وكان يرفض تماماً إنه يشتغل في صيد الحيوانات مثل باقي أهالي القرية؛ فانضم «راسبوتين»  إلى عصابة صغيرة، وأصبح القائدهم خلال شهرين أو تلاتة. 

كانت مواصفاته الجسدية تؤهله إنه يكون زعيم العصابة فعلاً لإنه كان طويل جداً، وضخم، وبنيانه عضلي واضح بصورة ملفتة.. بالاضافة الى نظراته الحادة، وصوته الأجشّ الذي كان بيجبر الناس على عدم النظر له أو الاحتكاك به مطلقاً. 

والصفات هذه كانت تزيد من هيبته، واحترام الناس له، أو بالأدق خوفهم منه؛ فبدأ يشرب الخمور بشراهة، ويسرق وينهب أهالي قريته والقرى المجاورة غير اي اهتمام أو خوف، خصوصاً مع علمه  إن الحكومة غير  مهتمة بالمقاطعة التي يسكنها أصلاً؛ فاشتهر وسط الناس باسم «راسبوتين» يعني الفاسق الفاجر باللغة الروسية. 


مضت الأيام و «راسبوتين» كان يواصل عربدته في انحلال وفسوق، لدرجة إنه كان بيطلق العصابة على سكّان القرى لكي  يسرقوهم كل يوم تقريبا ، وهو يجلس في الحانات يسهر مع فتيات الليل.. ورغم إن الحانات وقتها كانت ممتلئة  بالفاسدين، إلا إنهم كانوا يرتعبون منه.

والساقطات كلهن أحبّوه لشراسته وجبروته وعنفه مع كل رجال القرية، لدرجة إنهن كن كالمسحورات أمامه يلبين رغباته و نزواته الجنسية بدون ممانعة منهن . وبدأ الناس وقتها ينظرون إليه على  إنه ساحر وله كرامات، خاصّة بعد ما حصلت الواقعة الشهيرة في ١٨٨٧. 

كانت إحدى بنات القرية تعاني من مرض عضال ميئوس منه، وكل الأطباء فشلوا في علاجه نهائي؛ فاضطروا إنهم يستدعوا «راسبوتين» على أمل إنه يقدر ان  يشفيها.. وبالفعل، وقف أمام  سريرها، ورفع إيده للسقف وتصنّع هبوط الوحي عليه، وبدأ يتمتم بكلام غير مسموع وهو يمسح بإيده على جسمها.

فانتفضت البنت فجأة، وقامت من سريرها بكل حيوية ونشاط رغم إنها كانت على وشك الموت من لحظات.. وبما إن الحادثة انتشرت بصورة رهيبة، وأهل القرية كانوا يعاملوه  على إنه قدّيس أو ولي من أولياء الله؛ فقرر «راسبوتين» إن يذهب للكنيسة لكي يكون راهب رسمي. 

طبعاً هذا كان مستحيل وقتها لإن يجب ان تتوافر فيك شروط معينة لكي يصبح كاهن الكنيسة وكان يجب ان يوافق عليه البابا و الرهبان ، إلا إن «راسبوتين» أقنعهم وأجبرهم على إنهم ينصّبوه راهب رسمي، وأمرهم إنهم يسلّموه زِيّ الكهنوت بالإضافة إلى شهادة رسمية بأنه راهب لدى الكنيسة، وكان الهدف من هذه الحركة هو إن يبقى عنده القدرة على جمع التبرعات من سكّان المدن. 

بمعنى أصحّ، «راسبوتين» وقتها كان يخطّط على  سرقة أهالي القرى و المدن الكبرى الغنية ايضا لان سكّان المدن اغلبهم أغنياء، فكان يجب عليه أن يبحث عن طريق شرعي لسرقتهم من غير أن يُشك في أمر كذبه ،

وبدأ يطوف حول القرى في طريقه إلى المدينة، ووقتها اتعرّف على جماعة غريبة جداً اسمها «Khlysts»، كانت طائفة عجيبة تجمع بين التقوى والفجور.. طائفة شبيهة نوعاً ما بجماعة الـ«حشّاشين» اللي أسّسها «الحسن بن الصبّاح» سنة ١١٠٠. 

طائفة «خاليستي» كانت ترى إن الوسيلة المثالية لعبادة الرب بتكون عن طريق ارتكابهم للخطايا بصورة رهيبة، ثم التوبة عنها طمعاً في الخلاص.. الطائفة قائمة على أساس إن الإنسان لازم يرتكب جميع المعاصي بشراهة، ثم يتوب عنها لكي يثبت لرب إنه توقّف عن الذنب لأجله. 

أفكار عجيبة وشاذة جداً لكن نالت إعجاب «راسبوتين»، واتخذها مسلّمات مقدّسة في حياته، ونستطيع القول ان هذه الأفكار أصبحت منهج حياته بعد ذلك . تقتل، وتزني، وتغتصب، وتكذب، وتسرق، وتتوب.. وبعدها تعيد الكرّة مرة ثانية ، وثالثة، وعاشرة، ولا يوجد ذنب إلا ولازم ترتكبه بأبشع الطرق قبل ان تتوب عنه لكي تثبت لرب إنك توقّفت عن الذنب بمحض إرادتك ولأجله فقط. 

ولفظ «خاليستي» يعني الجلّادين باللغة الروسية.. وهذا لإنهم كانوا بيجلدوا نفسهم طول الليل، وبعدها يبدأوا في تناول الخمور وممارسة الرذيلة بصورة جماعية وبشتى الطرق، وبعدها يتوبوا قبل الفجر؛ فيبدأوا يحسّوا بالنشوى الروحية ويرون رؤى خيالية ويعتقدوا إنها نفحات روحانية.. 

المهم، بدأ «راسبوتين» يطوف في جميع أنحاء روسيا على قدميه، ولك أن تتخيل بلد حجم مساحتها ١٤ مليون كم، واكتسب مهارة عجيبة في الإقناع وفنّ الخطابة، لدرجة إنه كان يستطيع ان يقنع أي شخص يقابله بإنه قدّيس وله كرامات، فأفسد حياة كل النساء مهما كن شريفات، وهذا لإنه كان يقدر يقنعهن  بأفكاره بكل سهولة. 

تريدين أن تقتربي إلى الرب لازم ترتكبي أفظع المعاصي والكبائر والذنوب قبل ان تتوبي، وطبعاً يجب أن ترتكب ذنوبها معه.. هذا كان نهجه الذي يقدر يقنع به أي رجل أو امرأة، خاصّة إن الزِيّ الكَنَسي وقتها كان له هالة مقدّسة تجبر أي شخص  على تصديق الشخص الذي يلبسه. 

وفي إبريل سنة ١٩٠٣، وتحديداً بعد ما بلغ ٣٤ سنة، دخل «راسبوتين» العاصمة الروسية «Saint Petersburg» بعد ما ذاع صيته، وأصبح حديث المجتمع خاصّةً صالونات النبلاء الناس ليس لهم كلام الا  الكلام عن الشاب القروي القادر على شفاء المرضى بمجرد لمسهم.

شاب فقير، وملابسه مهترئة وقديمة، وحذاؤه مقطّع، ورائحته مثل رائحة الحيوانات.. بالإضافة إلى تعمّده لإطالة شعره مع الحرص على فرقه من المنتصف لكي ينسدل على خدّيه، والحقيقة إنه كان يتقصد هذا الشيء من أجل امرين :

١) يلفت نظر أهل العاصمة له بسبب غرابة هيئته. 
٢) الظهور بشكل الراهب الفقير الزاهد لكي يجمع أكبر قدر من التبرعات.

وبالفعل، استطاع إن ينجح في سرقة عقول وعيون الجميع.. وغرابة هيئته مع قدراته الخارقة في شفاء المرضى، جعلوا الناس يوصفوه بألقاب لا حصر لها؛ فمنهم اللي وصفه بالشيطان، ومنهم اللي اتهمه بإنه رسول إبليس، واعتقدوا إن تسريحة شعره الغريبة بغرض إخفاء قرونه. 

وبسبب الظروف الصعبة اللي كانت بتمر بها روسيا من فوضى داخلية، وتهديدات من دول خارجية مثل ألمانيا، أصبحت الحكومة والكنيسة في حاجة ماسّة إلى «جريجوري راسبوتين».. الحكومة تحتاج رجل قوي ذو هيبة لكي الشعب يخاف منه والحاشية تتحاشى الانقلاب على الملك، بالإضافة إلى  إن وجود شخص بالمواصفات التي يمتلكها راسبوتين  جوار الملك بيجعل للملك طابع إلهي.

وفي نفس الوقت، الكنيسة محتاجة رجل ذو كرامات عشان تستخدمه كمبشّر موثوق فيه؛ لكي تستطيع إنها ترفع من سلطتها في مواجهة الحكومة.. لغاية ما انحسم الصراع لصالح الحكومة بعد ما تم استدعاؤه لعلاج «Olga Lukina» التي كانت تحتضر بسبب مرض لا علاج له. 

عندها، أقنعها «راسبوتين» إنها تعاني من حالة اكتئاب، وأقر بإن علاجها يستلزم امتلاكه لروحها والحصول على جسدها، فمارس الرذيلة معاها وأصبحت عشيقته.. وبدأت تعلّمه القراءة والكتابة والإتيكيت وسلوكيات النبلاء، وقدّمته بعدها  لصديقاتها الكونتيسات .

وفي ٧ نوڤمبر ١٩٠٥، التقى «راسبوتين» بالقيصر «Nicholas   II» وزوجته «Alexandra» في قصر أحد النبلاء لأول مرة.. ويومها، فضل «راسبوتين» يتكلم معه بأريحية وبدون كُلفة كإنه مع صديقه، فلفتت جرأته نظر القيصر وحاز على انتباهه وإعجابه، خاصّةً بعد ما كلّمه عن الرب ومعجزاته المتمثّلة في قدرته الخارقة التي تجعله قادر على قراءة المستقبل.


في الوقت الذي كان فيه الوريث الوحيد للعرش واسمه «Alexei Romanov» يعاني من مرض نادر، معروف علمياً باسم الـ«Haemophilia».. مرض صعب جدا بيصيب الانسان بحالة تمنعه من التئام الجروح، يعني أي جرح بسيط يجعل المريض يينزف لغاية ما يموت لإن الجرح استحالة يلتئم. 

وبما إنه الوريث الوحيد للعرش؛ فكان القيصر «نيكولاس» وزوجته «الكسندرا» على استعداد لعمل أي شيء في سبيل انهم يحافظوا على حياة «اليكسي»، بالإضافة إلى إن الزوجة كانت بتشعر بتأنيب ضمير باستمرار لإنها كانت حاسّة بإن هي السبب لان المرض وراثي، وجدتها «Victoria» ملكة إنجلترا كانت مصابة به. 

وفي مارس ١٩٠٦، وبعد اصابة «اليكسي» بجرح بسيط في حديقة القصر، وتسبب في نزيف مستمر ليومين، تم استدعاء «راسبوتين» بصفة رسمية لعلاج ابنهم.. ولما دخل القصر وقابل زوجة القيصر، طمّنها على ابنها قبل أن يبدأ في علاجه.. ورغم ان جميع الأطباء فشلوا  في إيقاف النزيف، إلا إن «راسبوتين» نجح في علاجه بمجرد ان وضع إيده على الجرح. 

ومن بعدها بدأ يتردد «راسبوتين» على القصر باستمرار، خاصّة إن موضوع  النزيف تكرّر أكتر من مرة.. على سبيل المثال، الحادثة اللي حصلت في ١٩١٢.

كانت زوجة القيصر راكبة الخيل مع ابنها «اليكسي» في حديقة القصر، وفجأة سقطوا الاتنين من فوق الحصان، واصيب الابن بجرح كبير و اخذ ينزف بشكل مستمر.. وقتها  حاولوا يستدعوا «راسبوتين» بأي طريقة وبأي ثمن. 

ورغم إنه كان خارج العاصمة، إلا إن «الكسندرا» ارسلت  برقية استعجال له لكي يحضر لعلاج ابنها بسرعة؛ فردّ عليها ببرقية مماثلة؛ لكن كانت أغرب من الخيال حرفياً.. «راسبوتين» الملقّب برسول الشيطان، كتب في البرقية:

- «لقد استمع الربّ إلى صلواتك، ورأى حزنك على ولدك، ولهذا فلن يموت طفلك.. فقط، أخبري الأطباء بالابتعاد عنه، وأؤمريهم بألا يزعجونه، ثم ضعي هذه البرقية فوق رأسه».

وبالفعل، نفّذت زوجة القيصر أوامر «راسبوتين» بالحرف؛ فوقف النزيف في ساعتها.. ومن بعدها أصبح «راسبوتين» المسيطر على زمام الأمور في القصر بعد ما أثبت كرامة أكثر من مرة في علاج ابنهم «اليكسي».

وبدأت تظهر نوايا «راسبوتين» بشكل تدريجي، وأصبح يتردد على بيوت الدعارة ويتفاخر بفحولته وقدراته الجنسية، ولم يعد يهتم لاي قواعد اجتماعية او عرف سياسي بعد ما أصبح الآمر والناهي في قصر القيصر، لدرجة إنه اصبح يتردّد على قصور النبلاء ويصفعهم بدون سبب، ويتحرش بزوجاتهم أمام أعينهم  و أمام أطفالهم، ولا يستطيع  احد ان يعترض بكلمة نهااائي.. و هذا لإنهم كانوا يخافون من بطش القيصر عليهم، و من بطش «راسبوتين» نفسه وهو الذي كان يمثل نفسه بالوحش الأسطوري. 

الأغرب من هذا إن «الكسندرا» أقنعت القيصر بضرورة الحفاظ على حياة «راسبوتين» لضمان سلامة ابنهم والاحتفاظ بالعرش؛ فطلبت منه إنه يستدعيه للإقامة بشكل دائم في القصر، بالإضافة إلى إن الجناح الذي سوف يعيش فيه لازم يكون بجوار جناحها لأنها تريد أن تعينه مستشارها. 

ورغم إن هذا تقليد عجيب، وتعتبر أول حادثة في التاريخ إن المستشار مهما بلغت درجته يعيش في قصر القيصر، و أيضا  بالقرب من جناح زوجته، إلا إن القيصر وافق على طلبها وأمر باستدعاء «راسبوتين» لكي  يعيش  في نفس قصر القيصر  وتحديداً في الغرفة المجاورة لجناح زوجته. 

ومن أول لحظة  لدخول «جريجوري راسبوتين» قصر القيصر، ونفوذه وسلطانه زادوا بشكل رهيب، لدرجة إنه بدأ يتدخّل في سياسة البلاد بشكل سافر ومنفّر؛ فيعزل مثلاً أسقف الكنيسة ويعيّن رئيس الوزراء ويتصرّف في أموال خزينة الدولة بالطريقة التي تعجبه.. والقيصر لم يكن يقدر ان يعترض لانه مقتنع بإن حياة ابنه في يد راسبوتين  بالإضافة إلى إن الشعب والحاشية كانوا يهابون «راسبوتين»، و هذا معناه إن القيصر سيبقى في الحكم طول ما «راسبوتين» راضي عنه. 

في هذا  الوقت انتشرت إشاعة تقول إن «راسبوتين» على علاقة جنسية بزوجة القيصر، وإنه يمارس معها الرذيلة كل يوم في القصر؛ فبدأ الوزير «Peterstalin» يجمع كل المعلومات والأدلّة التي تدين «راسبوتين» لكي يفضحه أمام القيصر.. وكان يعمل هذا  لإنه مخلص فعلاً لروسيا، و لا يريد  لدولة روسيا العظمى  ان تنهار أكتر .. 

وبالفعل، جمع ملف وثائق وأدلة رسمية تدين «راسبوتين» بشكل مباشر في جرايم رشوة ومحسوبية وفساد وسرقة أراضي الدولة وتورّطه في علاقة جنسية مع زوجة القيصر، و ذهب لكي يقدمه للقيصر لكي يعزله ويسجنه؛ فأخد «نيكولاس» الملف منه لكي يواجه زوجته به. 

«الكسندرا» رمت الملف على الأرض، وأقنعته إن هذا كلام كله أكاذيب واتهامات ملفّقة لان من قدم هذه الأدلة اشخاص حاقدين على «راسبوتين» الذي أصبح مستشارها الخصوصي.. ورغم إن القيصر اقتنع بكلامها إلى حد كبير، إلا إن علاقته بدأت تتوتّر بصاحبنا «راسبوتين» لغاية ما تم اغتيال الوزير «بيترستالين» في دار الأوبرا أثناء حضوره لحفلة مع القيصر وزوجته. 

و لم  يُعرف من السبب في اغتياله، هل هو «راسبوتين» من أجل ان  يتخلص منه، او «الكسندرا» زوجة القيصر لكي تضمن سلامة عشيقها، او القيصر نفسه لكي  يحافظ على سمعته، خصوصاً إن الوزير بدأ يفضفض مع الحاشية ويقول لهم إن القيصر أصبح دمية مسحورة في إيد «راسبوتين» وتنازل له عن زوجته.

المهم، بعد حادثة الاغتيال عاد «راسبوتين» نجم الساحة في روسيا، وعودته كانت أسوء بكتير لدرجة إنه شنّ حملة اغتيالات وتصفية لأغلب معارضيه؛ فبدأت الصحف تنشر رسوم مصوّرة توضّح نفوذ «راسبوتين» في القصر وسيطرته اللانهائية على القيصر وزوجته، لدرجة إنهم رسموه وهو واقف خلف «الكسندرا» وقابض على صدرها بإيديه الاتنين في إشارة مباشرة وإسقاط واضح على استبداده في السيطرة على روسيا. 

بعد اندلاع الحرب بين ألمانيا وروسيا، اضطر القيصر إن يسافر على الجبهة لكي يتابع التفاصيل أول بأول، و ترك زوجته في القصر لوحدها مع الشيطان «راسبوتين»، وكلّفها بإدارة شئون الدولة بصفة مؤقتة لحين عودته من القتال على الجبهة.. وبما إن «راسبوتين» متحكّم فيها وفي القصر.

فعزل وزير الحربية الذي كان قائد شديد الكفاءة، وعيّن بدلاً منه رجل أعمال اسمه «Vladimir Sukhanov».. تخيّل، بلد في حالة حرب مع الوحش الألماني، ووزير الحربية رجل أعمال لا يفهم أي شيء عن الجيش والعسكرية. 

كانت نتيجة كااااااارثية بكل المقاييس، ويكفي  إن «ڤلاديمير سوخانوڤ» وزير الحربية الجديد كان يرسل الجنود  على الجبهة من غير سلاح، وبملابس صيفية رغم البرودة القاتلة في روسيا  ومن غير امدادات ومؤن تساعدهم على هزيمة الجوع أصلاً.. الجنود كانت بتتجمّد حرفياً من شدة البرودة، والذي ينجو من البرودة كان بيموت من الجوع، والذي ينجو من الاتنين كان يموت من رصاص العدو لإنه لا يملك سلاح يدافع به عن نفسه. 

باختصار، «راسبوتين» تسبّب بعد تعيين قائد فاسد كوزير للحربية في موت الملايين من الجنود الروسية.. الچنرالات بدأت تهرب من ثكناتها، وتركت خلفها مراهقين بلا أي سبل للدفاع عن أرواحهم، وفي مواجهة وحوش ألمانية بيمتلكوا أحدث الأسلحة والوسائل المتطورة اللي تمكّنهم من الفوز في الحرب. 

فبدأت النعوش والتوابيت تتوافد على الأراضي الروسية وشوارعها مثل حبّات الرمل، وكل يوم تستقبل الدولة آلاف من جثث الشباب الذين ماتوا على الجبهة؛ فالشعب بدأ يغلي ويثور لإنهم متأكدين إن الذي حصل  بسبب وجود خيانة في القصر، يعني ليس بسبب عجزهم في مقاومة الوحش الألماني فقط.. هم متأكدين من وجود خائن في القصر، وهو الذي  يسرّب خطة الجيش وتحرّكاته للألمان.

وحامت الشكوك حول زوجة القيصر لإنها من أصول «ألمانية، انجليزية»، وبالتالي هي التي  تخرب البلد وتجعلها تخسر الحرب، وأكيد استخدمت الشيطان «راسبوتين» في تنفيذ مخطّطاتها الدنيئة. 

ومن بعدها أصبح اسم «راسبوتين» لعنة على الشعب الروسي كله، والجميع أصبح  يكرهه ويريد ان يتخلّص منه، خاصّة إنه كان يسكر في بيوت البغاء والحانات ويقول إن زوجة القيصر عشيقته ولا  ترفض أوامره، ويُقال إنه وقف عاري تماماً في بلكونة القصر وبدأ يصرخ ويقول:

- أنا القيصر.. أنا القيصر الحقيقي للبلاد.. أنا قيصر روسيااااااا. 

وفي مايو ١٩١٤، وأثناء زيارته لأهله في أقصى «سيبيريا»، حصلت أول حادثة اغتيال له.. كان خارج من الكنيسة في زهو وعظمة؛ فضربته امرأة عجوزة بالسكّينة في جنبه، وبدأت تصرخ وتقول بسعادة:

- لقد قتلت عدو الرب، لقد قتلت عدو المسيح.

وفي ١٩١٦، حصلت ثاني محاولة اغتيال له عن طريق أقارب القيصر، وتحديداً الأميرة «Erena» بنت أخو القيصر، وزوجها «Yusupov».. قدّموا له دعوة بالحضور في قصرهم الموجود حتى الآن في مدينة «Moika»، فوافق «راسبوتين» بسرعة لأنه كان يريد يمارس الرذيلة مع «ايرينا»؛ فنزل مع زوجها إلى القبو وقدّم له زجاجة ويسكي مخلوطة بكمية رهيبة من السم وحلوى معجونة بكميات كبيرة من السم.

ورغم إن «راسبوتين» بدأ يحس بالدوار والدوخة بعد ما أنهى على الزجاجة وطبق الحلوى، إلا إنه تماسك وتمالك نفسه ؛ فاضطر الأمير «يوسوبوڤ» إنه يخرّج مسدّسه ويضربه بالرصاص، وبالفعل أطلق رصاصتين على قلبه قبل ان يغادر القبو. 

وبعد ساعة تذكر إنه نسي معطفه في القبو؛ فنزل لكي يحضره . وهناك بدأ يتفحّص جثّة «راسبوتين» وكان يريد أن  يتأكّد إنه مات فعلاً؛ فأقترب منه لكن «راسبوتين» فتح عينه فجاة وحاول يخنقه بعد ما ابتلع سم يكفي لقتل خمس أشخاص واستقبل رصاصتين في صدره. 

فدخلوا الحراس بسرعة لكي  ينقذوا سيدهم «يوسوبوڤ»، و اطلقوا على «راسبوتين» خمس رصاصات في جميع أنحاء جسمه، ؛ فحملوه و  رموه في النهر ويقال إنهم ضربوه رصاصتين اضافييتين لكي يضمنوا موته. 

وبعد ٤ أيام، طفت جثّته على سطح المياه، واكتشفوا وجود رسالة داخل جيبه والكلام الذي فيها كان موجّه للقيصر، وكان مكتوب فيه:

- أشعر أنني سأتعرض لحادثة اغتيال هذه السنة.. إذا كان القاتل من عامّة الشعب؛ فسيستمر حكمك لعدة سنوات، أما إذا كان القاتل من حاشيتك أو أهلك؛ فسيزول مُلكك خلال أسابيع. 

وبالفعل، تحقّقت نبوءة «راسبوتين» بعد ٣ شهور فقط..و قامت الثورة الروسية وأطاحت بالقيصر، وبعائلة «رومانوڤ» كلها، والحقيقة إن الكلام عن تاريخ العائلة الحاكمة يطول .. وأخيراً، تم إعدام «نيكولاس التاني» وعائلته في سيبيريا بعد ٩ شهور فقط من قيام الثورة. 

هذه الحقيقة الكاملة عن قصة رسول الشيطان راسبوتين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق