الأربعاء، 23 سبتمبر 2020

شخصيات تزدهر في العزلة

 


الإختلافات في التأقلم مع التباعد الإجتماعي والمزيد من العزلة.

تسببت جائحة كورونا بعشرات الآلاف من الوفيات حول العالم ودفعت الاقتصاديات الكبيرة نحو الانهيار. وإضافةً إلى هذه التأثيرات فجميعنا تقريبًا سنواجه تحديات نفسية للحفاظ على نظام تباعد اجتماعي مسؤول دون الانزلاق نحو عزلة ووحدة نفسية.

على الأقل فجميعنا نواجه نفس المصير وطبعاً فإن البؤس يرتبط بالصحبة، أليس كذلك؟

في الواقع، لسنا جميعاً نواجه نفس المصير فالتعميمات حول كيفية تأثير خطر فايروس كورونا على الناس هو تغاضٍ عن الحقيقة.

لدى الناس شخصيات مختلفة أي أنهم يتجاوبون بطرق مختلفة لتغير الأوضاع.

الإجتماعيون والإنطوائيون

لنأخذ بوب كمثال، فبعد يومين من عمل بوب من المنزل لم يستطع الصبر لتجربة جلسة الشرب الجماعي مع أصدقاء عبر تطبيق (Zoom).

لكن شرب الجعة أمام جهاز الكومبيوتر لم يكن مشابهاً لأن يشرب أمام أصدقاءه فقد تساءل كيف سيتأقلم في الأسابيع والأشهر القادمة وهو محبوس في الداخل وبعيدٍ عن أصدقاءه.

تساءل عن ذلك في مكالمة هاتفية مع شقيقته جان:

«أنا ربما لن أصاب بفايروس كورونا ولكن حتماً سأصاب بحمى العزلة!»

جان لم تفهم سبب استثارة بوب ولماذا هو قلق جداً لبقائه في المنزل. فجان تستمتع بقضاء الوقت في المنزل أمسيات هادئة لنفسها بعيدا ًعن الزحام المجنون.

جان وبوب هما نموذجٌ من الأشخاص نعرفه جيداً بوب يمثل الشخص الإجتماعي التقليدي فهو ثرثار وأنيس وإجتماعي جداً

بينما جان فهي إنطوائية وتستمتع بالعزلة.


أشخاص مختلفون وإستجابات مختلفة

الاختلافات م بين الاجتماعيين والانطوائيين تظهر في الحياة المبكرة وهي مستقرة نسبيا على مدى الحياة وتتأثر بالبيئات التي نبحث عنها وكيف نستجيب لها.

في دراسة حديثة طلب من الاجتماعيين والانطوائيين أن يقضوا أسبوعاً في الانخراط في مستويات عالية من السلوك النموذجي غير التقليدي حيث يصبحون (ثرثارين، اجتماعيين….الخ).

حصل الاجتماعيون على العديد من الفوائد منها تحسين المزاج والشعور بالصحة والثقة وعلى العكس من الاجتماعيين فلم يحصد الانطوائيون أية فوائد وذكروا شعورهم بالتعب والانفعال.

قواعد التباعد الاجتماعي التي كلنا نحاول تطبيقها هي صورة طبق الأصل لهذا التداخل .

والآن فإن الاجتماعيين سيتصرفون بغير طبيعتهم حيث سيجربون انخفاض الرفاهية في الأسابيع والأشهر القادمة.

والانطوائيون من جهة ثانية كانوا ينتظرون هذه الأوقات طوال حياتهم

لماذا قد يجد الانطوائيون العزلة أسهل للتعامل معها من الاجتماعيين؟

بوضوح أكثر فإنهم يميلون إلى كونهم أقل تحفيزاً في المشاركات الاجتماعية وأيضًا يشعرون بأنهم أقل حاجةً لتجربة المتعة والإثارة وهذا يجعلهم أقل عرضةً للملل كلما استمر التباعد الاجتماعي.

نظرة أعمق

الجوانب الأخرى من شخصياتنا أيضًا قد تحدد تعاملنا أثناء العزلة مع الأخذ بنظر الإعتبار السمات الأربعة المتبقية من نموذج الشخصيات الخمس الكبرى. إن الأشخاص الذين يتمتعون بوعي عالي والذين هم أكثر تنظيمًا وأقل تشتتًا ولديهم قابلية أكثر للتكيف وسيكون من السهل لهم ايجاد جدول يومي منتظم كما ينصح به الخبراء.

أما الأشخاص الذين يتمتعون بقبولٍ كبير والذين يميلون لكونهم أكثر إستعدادًا للتفاوض في الحياة مع أفراد العائلة وشركاء السكن. أما الاشخاص المنفتحين إلى التجارب والذين يميلون إلى الشغف والخيال سينهمكون في الكتب والموسيقى ويجدون الحلول للتخلص من قلق الحظر.

وفي المقابل فإن الأشخاص الذين يعانون من الضغط العصبي والذين هم أكثر عرضةً للتوتر والمشاعر السلبية من اقرانهم الأكثر استقرارًا فسيكون هؤلاء في خطرٍ أكبر بسبب التوتر والإحباط خلال هذه الأوقات العصيبة.

بالطبع هذه كلها تعميمات والانطوائيون ليسوا محصنين من الشعور بالوحدة ويمكن لهؤلاء أصحاب الشخصيات الأكثر ضعفًا أن يزدهروا بالموارد الصحيحة والدعم.

الحياة في كبسولة

بالنسبة للبعض فقد يبدو أن العيش تحت الحظر يشبه العمل في محطة فضائية أو في منشأة أبحاث في القطب الجنوبي.

ماهي الدروس التي يكمن أن نستخلصها من الأبحاث الشخصية في هذه البيئة القاسية.

هذا البحث أظهر الأشخاص الذين يتمتعون بالاستقرار العاطفي والاعتماد على الذات والتوجيه نحو الهدف والود والصبر يميلون للتعامل بشكل أفضل في ظروف العزلة الشديدة.

وقد لوحظ ان الانطوائيين الذين يستمتعون بالحياة الاجتماعية ولكنهم ليسوا بحاجة لها سيبدون مناسبين بشكل مثالي للحياة في كبسولة.

للتكيف بشكلٍ أفضل في كبسولتنا الأرضية وغير القطبية فقد نطمح إلى بعض الصفات المذكورة أعلاه كالهدوء والصبر والتنظيم. أن نكون عازمين ولكن صبورين ومعتمدين على الذات ولكن متصلين.

العزلة أم قضاء الوقت وحيداً

وصلت جائحة كورونا الى أعقاب ما يسمى «وباء الوحدة» لكن هذه العناوين قد تكون مبالغة، جزءٌ من ما هو مفقود في مثل هذه الأوصاف هو حقيقة أن ما يعتبره البعض سيئًا يعتبره آخرون جيدًا.

بالطبع، فإن بعض الأشخاص المحظورين يواجهون تحديات هائلة لا علاقة لها بشخصيتهم. فقد الكثير وظائفهم ويواجهون صعوبات اقتصادية. بعض الناس انعزلوا تمامًا بينما يشارك الآخرون منازلهم مع أحبائهم. ومع ذلك فإن استجابتنا لهذه التحديات لا تنعكس فقط على مأزقنا فحسب وإنما على أنفسنا أيضًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق